أهمية وضع مشروع وطني للأمن الغذائي

يستهلك البشر الغذاء للنمو والصيانة وتوفير الطاقة. ويعتبر الغذاء مادة مهمة للفرد والمجتمع.  والفرد يعتبر هدفا وأداة.  فهو هدف في سياسات الدولة التي تعمل لتحقيق الرفاهية للفرد، وهو أداة لتنفيذ السياسات والخطط.  وهو كذلك الأداة المهمة في المحافظة على الدولة وتحقيق أهدافها.

وفي الماضي كان الغذاء كما مهملا في سياسات كثير من الدول نتيجة وفرة بعض مكوناته وغياب تأثيرات واضحة للخلل الناتج في عدم التوازن الغذائي.  إضافة إلى غياب الصورة الواضحة لتأثيراته لغياب الإعلام الذي حول الآن العالم إلى مرآة لما يحدث فيه وما يؤثر فيه.

واتضح من خلال إحصائيات منظمة الأمم المتحدة أن جوعى العالم يتجاوز الآن ألف مليون مواطن، وهذا الرقم هو رقم خجول حيث أن العدد ضعف المعلن لان كثرا من الدول لا تعلن عن الأرقام الحقيقية للجوعى وسيئي التغذية بها.  ويبلغ عدد سكان العالم الآن اكثر من 6.3 بليون وسيصل العدد سنة 2050 بين 11و12 بليون إنسان.

والغذاء المنتج حاليا يمكنه تغذية 120% من البشر أي انه يغذي البشر الحاليين مع وجود 20% فائض من الغذاء. والمشكلة ان نسبة من الغذاء يتم اسغلالها لمجالات ليست غذائية او يتم رميها في القمامة..

وبالرغم من أن التقدير الرسمي لجوعى وسيئي التغذية في العالم هو 800 مليون إنسان، إلا أن العدد الحقيقي يزيد عن ذلك بكثير فقد يصل إلى أكثر من 2 مليار.  بحيث يزيد عدد جوعى العالم إلى أكثر من المليار إنسان، ويزيد عدد المصابين بسوء التغذية إلى أكثر من ربع سكان الكرة الأرضية.  ويزداد العدد يوميا بمعدل متسارع.

فالتغذية السليمة تساعد سلامة العقل والجسم الضرورية لرفع القدرات البشرية في التعلم والعمل.  فالجوعى وضعاف الجسم لن يكونو قادرين على حمل السلاح او استيعاب نقل التقنية وتطويعها وتطويرها.

فالزيادة المطردة والمتسارعة لعدد السكان في العالم (والتي تصل إلى بين 11 و12 بليون سنة 2100)، والنقص المتزايد في كمية المياه الجوفية، والتغير المناخي والبيئي، ونقص تساقط الأمطار، وتقلص مساحة الأراضي الزراعية، وتغير الوضع الاجتماعي، وتزايد الهجرة من الريف الى المدينة، وتحول الريف الى مدن؛ كلها ستؤدي إلى نقص حصة الفرد من الانتاج الغذائي. والصراع القادم سيكون صراعا على مصادرا لغذاء، والسلاح المستقبلي سيكون الغذاء.

ولاتوجد دولة يمكنها ان تكون بمعزل عن بقية العالم، لذلك فأن مشكل الأمن الغذائي سيزداد حدة مالم تضع كل دولة ويضع العالم الخطة والإستراتيجية طويلة المدى منذ الآن وحتى العام 2100 وتتخذ الإجراءات لتفادي الوقوع في الكارثة. ونحتاج إلى رفع مستوى التنمية البشرية لتستوعب إمكانية نقل التقنية والتسارع للوصول إلى نفس الخط مع الفضاءات الأخرى في هذا العالم.  ويبدأ هذا بمشروع للأمن الغذائي والمائي منذ الآن وحتى عام 2100 بما يضمن حصول أجيال متتابعة على الإمكانيات التي ترفع من قدراتها وبالتالي تسارع التنمية فيها مع إعداد المسيرة للأجيال القادمة لتكون على نفس المستوى مع بقية البشر في هذا العالم.

والجوع وسوء التغذية تؤثر تأثيرا مباشرا وغير مباشر على بنية المجتمع والدولة.  فتكاليف الرعاية الصحية نتيجة للجوع وسوء التغذية ستكون أكثر كلفة، لأنها تؤثر على الانسان ونشاطه وآداءه في عمله، وتؤثر على الام والجنين، وقد تنتج اجيال مريضة ومصابة بمختلف انواع الامراض والتشوهات نتيجة استعمال الادوية بدل التغذية.

Similar Posts